إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم.
شرح القواعد الأربعة
27404 مشاهدة
أهمية طلب العلم الشرعي

ونقول: أيها الإخوة إنكم بحاجة إلى التزود من العلم، بحاجة إلى التزود من الفقه، بحاجة إلى التزود من السنة النبوية، ومن العلوم الشرعية، ولو حصلتم على ما حصلتم عليه، فإن العلم ليس له المنتهى، حتى العلماء الجهابذة الأكابر يوصون تلاميذهم فيقولون: اطلبوا العلم من المهد إلى اللحد أي: طوال الحياة. ويقول الإمام أحمد رحمه الله: من المحبرة إلى المقبرة! أي: مع ما وصل إليه - رحمه الله - من السعة في العلم، فإنه لم يفارق المحبرة التي هي الدواة التي يُكْتَبُ بها: من المحبرة إلى المقبرة.
وذلك لأن العلم كثير، ويقول بعض المشايخ: العلم كثير، والعمر قصير، فيجب على طالب العلم أن يبدأ بالأهم فالأهم. ولا شك أن أهم العلوم: علم العقيدة، وعلم الديانة، وقد رد بعض العلماء كابن عبد البر قول واحد من الشعراء:
وإذا طلبـت مـن العـلـوم أهمهـا
فأهمـها منـها مـقيمُ الألسـنِ
يقول:
لـو كـان ذا فقـه لقـال مبـادرا
فأهمهـا منـها مقيـم الأديـنِ
يعني: العلم الصحيح هو مقيم الدين، مقيم العبادة. لما ذكر أن أهم العلوم علم الديانة، قال:
هـذا الصـحيح, ولا مقالة جـاهـل
فأهمهـا منهـا مقيـم الألسـن
لـو كـان ذا فقـه لقـال مبـادرا:
فأهمـهـا منهـا مقيـم الأديـنِ
ودليله أن نبي الله صلى الله عليه وسلم بقي عشر سنين بمكة لا يدعو إلا إلى علم العقيدة، لا يدعو إلا إلى علم الدين، الذي هو أساس كل علم، والذي هو أصل العلوم. بقية العلوم تتفرع عنه، أو بقية العلوم شرط له، أو هو شرط لبقية العلوم. فعلم الشريعة، أي: العلم الشرعي، الذي هو علم شريعة الله تعالى هو أهم ما يجب على المسلم أن يتعلمه؛ فلذلك نتواصى بأن نجد ونجتهد في طلب هذا العلم.